فصل: فصل في التقليد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب كفالة الرجلين والعبدين

‏(‏قوله وقول الشارح وهي واردة على مسألة الكتاب سهو‏)‏ قال في النهر، وقول الشارح إن هذه واردة على مسألة الكتاب أي على توجيهها، ووجهه أن في مسألة الكتاب إنما لا يصح تعيينه صرفا إلى الأقوى، وهو ما عليه من الدين وهذا كذلك، وكان ينبغي أن لا يصح تعيينه أيضا ولما خفي هذا على صاحب البحر ادعى أنه سهو ا هـ‏.‏ ورأيت بخط بعض الفضلاء هل يمكن دفع ورود تلك المسألة بأن يلتزم أن مسألة المتن معللة بكل من الصرف إلى الأقوى ولزوم الدور فإنه ليس في كلامهم ما ينبو عن ذلك‏.‏

‏(‏قوله لأن الدين ينقسم عليهما نصفين‏)‏ قال في النهاية وفي الشافي ثلاثة كفلوا بألف يطالب كل واحد بثلث الألف، وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالألف، كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي والمرغيناني والتمرتاشي كذا في نور العين‏.‏

‏(‏قوله وقوي عندي كون المعتبر أمر السيد إلخ‏)‏ قال في النهر ورأيت مقيدا عندي أن ما قوي هو المذكور في البدائع‏.‏ ا هـ‏.‏ وكأنه أراد به قول البدائع الآتي، وأما العبد المحجور فإذنه بالكفالة صحيح في حق نفسه إلخ فلم يقيده بكفالة بدين يؤخذ منه للحال أو بعد العتق، وقد يقال إن المولى مؤاخذ بهذا الدين بتسليم العبد أو القضاء عنه وإن لم توجد الكفالة فأي فائدة للتوقف على كونها بأمره فيكفي أمر العبد في الرجوع على المولى؛ لأنه لم يلزمه به ضرر‏.‏

‏(‏قوله وإن كان عليه دين مستغرق لم تصح كفالته إلخ‏)‏ نقل بعض الفضلاء عن الفتاوى الهندية إذا كان على العبد دين، وقد كفل عن المولى أو عن أجنبي بمال بإذن المولى لا يلزمه شيء ما دام رقيقا فإذا عتق لزمه ذلك ا هـ‏.‏ وهو ظاهر؛ لأن حق الغرماء منع صحة الإذن ومطالبته بعد العتق ليس فيها إضرار بهم، وانظر لو كان مديونا غير مستغرق والظاهر أنه يوفي من الفاضل لو بالأمر، ويطالب بالباقي بعد العتق ثم على ما ذكره في الهندية فما فائدة التقييد المذكور مع أنه ذكره صاحب الهداية، وأقره الشارحون فإن الكلام في مسألتنا في الأداء بعد العتق فليتأمل‏.‏

كتاب الحوالة

‏(‏قوله والاسم الحوالة‏)‏ أي اسم مصدر

‏(‏قوله فاعلا‏)‏ أي اسم فاعل

‏(‏قوله إحداهما أن الرهن إلخ‏)‏ قال الرملي وفي منية المفتي أحال الغريم المرتهن بالمال على رجل للمرتهن منع الرهن حتى يقبض في أصح الروايتين، والمرتهن إن أحال غريما له على الراهن لم يكن له منع الرهن، وسيذكر الشارح هذا بعد هذه المسألة، ذكره الغزي وقال الغزي أيضا قلت‏:‏ لم أر حكم ما إذا أحال المرتهن بدينه الذي به الرهن على الراهن هل له استرداد الرهن أم لا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ سيأتي قريبا الحكم في ذلك ا هـ‏.‏

‏(‏قوله بها صار على الحويل ما كان على المحيل‏)‏ قال الرملي تقدم أنه يقال للمحتال حويل، ولا يصح هنا إرادة المحتال، وإنما تصح إرادة المحتال عليه فلعله يطلق عليهما تأمل‏.‏

‏(‏قوله والجواب أن موجبها إلخ‏)‏ أي الجواب عما ذكر من الإيرادات على طريق اللف والنشر المرتب، لكن ترك الجواب عن الأول فأجاب عن الثاني بقوله إن موجبها نقل مؤقت إلخ، وعن الثالث بقوله وصح أداء المحيل إلخ وعن الرابع بقوله ولا يضر في نقل الدين قسمته إلخ، وعن الخامس بقوله‏:‏ لأن المحتال لم يملك الدين بالحوالة إلخ وعن السادس بقوله وإنما لا يصلح المحيل إلخ وعن السابع بقوله والفرق بين الهبة والإبراء إلخ، وعن الثامن بقوله وإنما قبلت الفسخ إلخ وعن التاسع بقوله وإنما لم يبطل حق البائع في الحبس إلخ وعن العاشر بقوله كالمرتهن إذا أحال غريمه إلخ

‏(‏قوله فتنعقد حوالة الصبي العاقل‏)‏ قال الأسروشني في كتابه أحكام الصغار ذكر محمد في الأصل الصبي التاجر في الحوالة مثل البالغ وفي فوائد شيخ الإسلام برهان الدين صبي محجور عليه أقر بمال، وأحال به على الآخر وقبل الآخر الحوالة فالمقر له يتمكن من المطالبة من المحتال عليه أم لا أجاب نعم، كما في الكفالة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله رجع المحال عليه للحال‏)‏ حذف صلة رجع وليست عليه المذكورة لتغير المعنى بل هي صلة المحال والتقدير رجع المحال عليه على العبد

‏(‏قوله‏:‏ وكذا الوصي إذا احتال بمال اليتيم إلخ‏)‏ قال في أحكام الصغار بعد هذا، وذكر فخر الدين في بيوع فتاواه الأب والوصي إذا قبل الحوالة على شخص دون المحيل في الملاءة إن وجب بعقدهما جاز عند أبي حنيفة ومحمد ولا يجوز عند أبي يوسف وإن لم يكن واجبا بعقدهما لا يصح في قولهم، وذكر صدر الإسلام أبو اليسر في باب الخلع من المبسوط في حيلة هبة صداق الصغير أن الأب يحتال على نفسه شيئا فيبرأ ذمة الزوج عن ذلك القدر، ولو كان الأب مثل الزوج في الملاءة فينبغي أن يصح أيضا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فلم يصح من صبي قبولها مطلقا إلخ‏)‏ هذا ظاهر إذا لم يكن الصبي مديونا للمحيل وبه يظهر التعليل تأمل وراجع‏.‏

‏(‏قوله منها براءة المحيل‏)‏ قال الرملي يؤخذ منه أن الكفيل لو أحال المكفول له على المديون بالدين المكفول به وقبله برئ، وهي واقعة الفتوى وصورتها أحال الكفيل الطالب بالدين الذي كفله على المطلوب وتراضوا على ذلك، ويؤخذ الحكم وهو البراءة من قولهم الحوالة نقل الدين وأنها مشتقة من التحويل، والشيء إذا حول عن مكانه بقي خاليا منه، وقد صرح في الجوهرة نقلا عن الخجندي أنها مبرئة والكفالة غير مبرئة، وصرحوا أيضا بأن المحال عليه إذا أحال المحال على المحيل برئ، وإن نوى المال الذي على الأصيل لم يعد إليه، وصرحوا أيضا بأن كل دين جازت به الكفالة جازت به الحوالة ا هـ‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏ وفي الولوالجية الكفالة متى حصلت بأمر المكفول عنه انعقدت لوجوب دينين دين للطالب على الكفيل ودين للكفيل على المكفول عنه إلا أن ما للكفيل على المكفول عنه مؤجل إلى وقت الأداء‏.‏ ا هـ‏.‏ ويفهم منه صحة الحوالة وصحة الحوالة توجب براءة المحيل، وهو الكفيل ومقتضى ما في الولوالجية أنه يرجع على الكفيل بالتوى، وكذا مقتضى ما تقدم قريبا في هذا الشرح في الجواب عما نقض به الحد أنه يبرأ المحيل براءة مؤقتة إلى التوى‏.‏ قال في التتارخانية قال في الجامع‏:‏ رجل كفل عن رجل بمائة، وأحال الكفيل الطالب بها على رجل فقد برئ الكفيل والذي عليه الأصل فإن توت المائة على المحتال عليه بموته مفلسا عاد الأمر على الذي عليه الأصل وعلى الكفيل جميعا يأخذ الطالب أيهما شاء، ولو كان الكفيل أحال الطالب بالمائة على إبرائه منها يريد إبراء الكفيل من المائة فللطالب أن يأخذ الذي عليه الأصل والمحتال عليه، فإن مات المحتال عليه مفلسا في هذه الصورة فللطالب أن يأخذ الكفيل أيضا‏.‏

‏(‏قوله وقد قيدت به‏)‏ مفهومه أنه لو كان مديونه ولم تقيد الحوالة بالدين أنه له ملازمته وحبسه، ويدل عليه ما سيأتي عند قول المصنف ولو أحاله بماله عند زيد وديعة‏.‏

‏(‏قوله ولكن في البزازية لو أحال إلخ‏)‏ قال الرملي وفي الخانية ما يوافقه حيث قال صحة الإحالة تعتمد قبول المحتال له والمحال عليه، ولا تصح في غيبة المحتال له في قول أبي حنيفة و محمد رحمهما الله كما قلنا في الكفالة إلا أن يقبل رجل الحوالة للغائب، ولا تشترط حضرة المحتال عليه لصحة الحوالة حتى لو أحاله على رجل غائب، ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة ا هـ ذكره الغزي ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومثله في الخلاصة وقد مر عند الكلام على شرائطها أن الصحيح قولهما بعدم صحتها في غيبة المحتال فلم تبق المخالفة بين ما هنا وما مر إلا في اشتراط حضرة المحال عليه وعلى ما هنا مشى في الدرر والغرر فقال وشرط حضور الثاني أي المحتال إلا أن يقبل فضولي له لا حضور الباقيين‏.‏

‏(‏قوله فجعل القبول من المحتال‏)‏ قال الرملي بل جعله من المحتال عليه إذ الضمير راجع إليه تأمل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ المراد من القبول ما يتوقف على المجلس وهو ما يكون أحد شطري العقد، فقول البزازي فقبل أي فرضي فليس المراد به القبول الذي فسر به الرضا لكن قول المؤلف والرضا منهما غير ظاهر؛ لأن المحيل في هذه الصورة موجب والمحتال قابل بدليل اشتراط حضوره نعم المحال عليه غائب، وقد اكتفى برضاه

‏(‏قوله وكان له دين‏)‏ أي للمحيل

‏(‏قوله وإن لم يكن له دين‏)‏ أي للمديون الذي هو المحيل، وقوله عليه أي على المحال عليه

‏(‏قوله وكذا حضرته‏)‏ أي المحيل

‏(‏قوله وكذا لو كان المحتال غائبا‏)‏ لعله المحتال عليه‏.‏

‏(‏قوله والحوالة متى حصلت مبهمة إلخ‏)‏ قال في الذخيرة من الفصل الثاني وأما المطلقة فالحالة منها أن يحيل المديون الطالب على رجل بألف درهم فيجوز، ويكون الألف على المحتال عليه حالة؛ لأن الحوالة لتحويل الدين من الأصيل، وإنما يتحول على الصفة التي كانت على الأصيل، وكانت على الأصيل حالة فيتحول إلى المحتال عليه حالة أيضا، وليس للمحتال عليه أن يرجع على الأصيل قبل أن يؤدي ولكن إذا لوزم فله أن يلازم الأصيل، وإذا حبس كان له أن يحبس الأصيل حتى يخلصه عن ذلك كما في الكفيل، وإذا أدى يرجع على الأصيل بما أدى‏.‏ وأما المطلقة المؤجلة رجل له على رجل ألف درهم من ثمن مبيع إلى سنة فأحال بها على رجل إلى سنة فالحوالة جائزة، والمال على المحتال عليه إلى سنة؛ لأنه قبل كذلك، ولم يذكر محمد في الأصل ما إذا حصلت الحوالة مبهمة هل يثبت الأجل في حق المحتال عليه قالوا وينبغي أن يثبت كما في الكفالة، وهذا لأن المحتال عليه متحمل عن الأصيل، وإنما يتحمل ما على الأصيل وعلى الأصيل دين مؤجل فيجب على المحتال عليه كذلك، وإن مات الذي عليه الأجل لم يحل المال على المحتال عليه؛ لأن حلول الأجل في حق الأصيل للاستغناء عن المؤجل بموته وهذا المعنى لا يتأتى في حق المحتال عليه؛ لأنه حي محتاج إلى الأجل لو حل الأجل في حقه إنما يحل تبعا لحلوله على الأصيل ولا وجه إليه؛ لأن الأصيل برئ عن الدين بالحوالة فالتحق بسائر الأجانب، وإن مات المحتال عليه قبل حلول الأجل والذي عليه الأصل حي حل المال عليه لأنه بالموت استغنى عن الأجل فإن لم يكن له وفاء رجع المحتال له بالمال على الذي عليه الأصل إلى أجله، وإن سقط حكما للحوالة وقد انتقضت بموت المحتال عليه فينتقض ما في ضمنها وهو سقوط الأجل، وكان بمنزلة ما لو باع المديون بدين مؤجل عبدا من الطالب، ثم استحق العبد عاد الأجل لأن سقوط الأجل كان بحكم البيع كذا هاهنا‏.‏ وإن كان المال حالا على الذي عليه الأصل من قرض، وأحال بها على رجل إلى سنة فهو جائز، وإن كان هذا تأجيلا في القرض؛ لأن المال إنما يجب على المحتال عليه بحكم الحوالة لا بالقرض، والتأجيل في الحوالة جائز وكان بمنزلة ما لو أجل الطالب الكفيل بالقرض فإنه يجوز؛ لأن المال يجب على الكفيل بعقد الكفالة لا بالقرض، والواجب بالكفالة يقبل الأجل ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لم يملك‏)‏ أي البائع

‏(‏قوله ولكن المنقول في الزيادات عكسه إلخ‏)‏ الظاهر أن ما اقتضاه كلام المصنف مبني على ما مشى عليه أولا وهو أنها نقل الدين والمطالبة، وهو الصحيح وهو قول أبي يوسف وما في الزيادات قول محمد يشهد له ما قدمه المؤلف هناك فراجعه، ثم رأيت في الخلاصة قد ذكر مسألة إحالة البائع والمشتري وعزاها للزيادات كما هنا، ثم قال وفي التجريد جعل هذا قول محمد وعند أبي يوسف سقط حق الحبس في الوجهين جميعا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وفي البزازية أحال على رجل إلخ‏)‏ الضمير في جحد وحلف للمحتال عليه وفي برهن للمحتال

‏(‏قوله وفي الخلاصة لا يمنع وأن المحتال إلخ‏)‏ الذي رأيته في الخلاصة نصه‏:‏ ولو مات المحتال عليه ولم يترك شيئا، وقد أعطى كفيلا بالمال، ثم أبرأ صاحب المال الكفيل منه له أن يرجع على صاحب الأصل وفي الزيادات المحتال له إذا أخذ الكفيل من المحتال عليه بالمال، ثم مات المحتال عليه مفلسا لا يعود الدين إلى ذمة المحيل سواء كفل عنه بأمره أو بغير أمره، والكفالة حالة أو مؤجلة أو كفل حالا ثم أجله المكفول له ا هـ‏.‏ ولم أر فيها التصريح بأنه لا يمنع وما ذكره من رجوعه على الأصل، وهو المحيل سببه إبراء الكفيل وهو غير ما نقله عن الزيادات تأمل‏.‏

‏(‏قوله وفي المحيط إلا أن يكون المحيل إلخ‏)‏ استثناء من قول المتن، فالقول للمحيل والظاهر أن المراد بالحويل المحتال عليه كما تقدم نظيره في عبارة تلخيص الجامع وقوله لا يحتمل الوكالة أي لا يتحمل وكالة المحيل بقوله أحلتك على فلان مع قوله للمحتال عليه اضمن عني هذا المال هذا ما ظهر لنا فتأمله‏.‏

‏(‏قوله بخلاف المطلقة‏)‏ أي فإنه يملك المحيل المطالبة فيها إلا أن يؤدي فإذا أدى سقط ما عليه قصاصا كما في الجوهرة

‏(‏قوله ولو مات المحيل قبل قبض المحتال إلخ‏)‏ ظاهره أن هذا في الحوالة المقيدة بدليل قوله كأن الدين والعين المحال بهما، وهو مقتضى التعليل بقوله لكونه مال المحيل، ولا يكون مال المحيل إلا في المقيدة؛ لأنه في المطلقة متبرع لكن صرح في البزازية بما يقتضي عدم الفرق بين المطلقة والمقيدة، ونصه مات المحيل بعد الحوالة قبل استيفاء المحتال المال من المحتال عليه وعلى المحيل ديون كثيرة فالمحتال مع سائر الغرماء على السواء ولا يرجع المحتال بالحوالة، وكذا لو قيد بدينه الذي على المحتال عليه لو مات قبل الاستيفاء يتساوى المحتال مع سائر الغرماء ا هـ‏.‏ ومقتضاه بطلان الحوالة بموت المحيل وبه صرح في الحاوي الزاهدي وعبارته كما نقلها بعض العلماء‏:‏ مات المحيل تبطل الحوالة حتى لا يختص المحتال بماله على المحتال عليه بل أسوة لغرمائه؛ لأنها تمليك الدين لغير من هو عليه، وهو غير جائز إلا أنها جوزت للحاجة وبالموت سقطت، وتعود المطالبة إلى تركته وعن زفر خلافه‏.‏

‏(‏قوله بخلاف المطلقة‏)‏ الظاهر أنه مرتبط بقوله ولو مات المحيل قبل قبض المحتال إلخ فيفيد أن ذاك خاص بالمقيدة، وقوله وإذا قسم الدين إلخ أي في المقيدة كما أفاده ما قررناه وفي ذلك مخالفة لما نقلناه عن البزازية فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله والفرق أن في الأول‏)‏ أي في إعتاق المكاتب وموت العبد المبيع أورده بخيار لكن يرد عليه أن سقوط الدين بموت العبد ليس مقصودا فالمناسب أن يقول إن الدين في الأول سقط بأمر عارض كما في الجوهرة حيث قال‏:‏ وأما إن سقط الدين الذي قيدت به الحوالة بأمر عارض ولم تتبين براءة الأصيل منه لا تبطل الحوالة مثل أن يحتال بألف من ثمن مبيع فهلك المبيع قبل تسليمه إلى المشتري سقط الثمن عنه ولا تبطل الحوالة، ولكنه إذا أدى رجع على المحيل بما أدى؛ لأنه قضى دينه بأمره ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولعل وجهه‏)‏ أي وجه الفرق بينهما أنه في الأولى تبين أن لا دين عليه أي على المحال عليه وهو المشتري، وهي تصح بدون دين عليه وفيه نظر؛ لأن ذلك في المطلقة وكلامنا في المقيدة فالمناسب أن يقول كما قدمناه عن الجوهرة أن في الأولى تبين سقوط الدين بأمر عارض وهو الفسخ بالعيب‏.‏

‏(‏قوله وفي الثانية ظهر أن المحيل ليس بمديون فبطلت‏)‏ قال بعض الفضلاء لا يظهر؛ لأن الحوالة تصح بدون دين على المحيل أيضا كما مر متنا، وكان الظاهر أن يقول وفي الثانية ظهر أن الحوالة بمعنى الوكالة وللوكيل الامتناع عنها ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله وهو مشكل إلخ‏)‏ قد يجاب بأن المحتال وهو البائع قد صار قابضا من المحتال عليه بإبرائه أو هبته قبضا حكميا وبالشراء منه صار قابضا قبضا حقيقيا قد علمت أن هذه الحوالة بمعنى الوكالة فصار البائع كالوكيل عن المشتري فيرجع عليه بما قبضه بعد بطلان الحوالة تأمل

‏(‏قوله وينبغي أن تكون صحيحة‏)‏ أي لو الحوالة مقيدة أما المطلقة فلا شك أنها لا تصح لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل قال في الجوهرة فلا تصح بالحقوق كذا في النهر، وقد مر قال ومقتضى ما في البحر صحة الحوالة بحق الغنيمة المحرزة تحت يد الإمام من أحد الغانمين وعندي فيه تردد فتدبره

‏(‏قوله على المحال عليه‏)‏ ويكون المدفوع بين غرماء المحيل وبين المحتال بالحصص فيه نظير فليراجع‏.‏

‏(‏قوله وعلى هذا إذا باع الآجر المستأجر‏)‏ قال الرملي أي بإذن المستأجر كما في الخلاصة

‏(‏قوله وأحال بالثمن على المستأجر‏)‏ كذا رأيته في البزازية والذي في الخلاصة وأحال المستأجر على المشتري فاستحق المبيع من يد المشتري، وهو قد أدى الثمن إلى المستأجر إلخ، وتقدم عند الكلام على حكمها مسألة من صور فساد الحوالة فراجعها‏.‏

‏(‏قوله وفسرها بعضهم إلخ‏)‏ هي على هذا التفسير ما يسمى في زماننا بالبولصة

‏(‏قوله وفي البزازية من كتاب الصرف ما يقضي ترجيح الثاني‏)‏ قال في النهر وبه جزم في الصغرى والواقعات الحسامية والكفاية للشهيد نعم قالوا إنما يحل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر فإن كان يعرف أن ذلك يفعل لذلك فلا‏.‏

كتاب القضاء

‏(‏قوله وحكي في التتمة الخلاف في الثبوت إلخ‏)‏ قال الرملي وفي الفواكه البدرية وأما قوله ثبت عندي فموضع الحكم وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ثم ذكر بعده وأما الثبوت فقد قال علماؤنا قول القاضي ثبت عندي حكم وعرف المتشرعين والموثقين الآن على أن الثبوت ليس بحكم بدليل تقسيم الثبوت إلى ما اقترن به الحكم وما كان مجردا وبدليل قولهم في التسجيل، ولما ثبت عنده حكم والمتعارف في ذلك غير مختص بمذهب بل نسبته من حيث الاستعمال إلى جميع المذاهب واحدة كما هو ظاهر، وقد فصل بعض المتأخرين فقال ما معناه أن الثبوت إن وقع على السبب لا يكون حكما كما إذا قال ثبت عندي جريان العقد بين المتعاقدين وإن وقع على المسبب كان حكما كما إذا قال ثبت عندي ملكه لكذا وهو قول متجه لو تم وجهه، ولكنه لا يتم ثم ذكر بيانه فراجعه ثم قال وفي معنى قول القاضي ثبت عندي صح عندي‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله والتحقيق أنه لا خلاف إلخ‏)‏ قال الرملي بعيد جدا بل لا يقال؛ لأن الدعوى الغير الصحيحة لا يفيد فيها لفظ حكمت المجمع عليه خلفة عن لفظ ثبت عندي تأمل وفي فتاوى قارئ الهداية الصحيح أن قول القاضي ثبت عندي حكم منه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ثم اعلم أن الثبوت ليس بحكم اتفاقا في مواضع‏)‏ ليس المراد بالثبوت في هذه المواضع ما مر؛ لأن المراد فيما مر قول القاضي ثبت عندي كذا، وليس المراد بالثبوت في هذه المواضع الإخبار بذلك بل غيره

‏(‏قوله أرى أن الحق للمشهود له‏)‏ قال في النهر ينبغي أن يكون بضم الهمزة أما إذا كان بمعنى اعلم فقد مر إن علمت تكون حكما

‏(‏قوله لانتفاء شرطه‏)‏ أي شرط الحكم، وهو الدعوى الصحيحة سيجيب عنه المؤلف‏.‏

‏(‏قوله وهو الأوجه‏)‏ بل قال ابن الغرس إنه الصواب

‏(‏قوله قاطع للشبهة كلها‏)‏ أي؛ لأنه لا يمكن أن يقال فيه إنه ملحق بالوكيل فتعين كون علة المنع هي كون فعله حكما‏.‏

‏(‏قوله وذكره العمادي‏)‏ قال الرملي أي وذكره أيضا العمادي إلخ فإسقاط لفظ ذكره الثاني من سهو الكاتب

‏(‏قوله فإذا حكم شافعي بموجب بيع عقار إلخ‏)‏ اعلم أن الحكم بالموجب مما تعورف بين المتشرعين والموثقين وهو أعم من المقتضى؛ لأنه يشمل الصحة والبطلان كالحكم بموجب بيع المدبر معناه بطلانه لو القاضي حنفيا وصحته لو شافعيا، والمقتضي لا يشمل البطلان فإن الشيء لا يقتضي بطلان نفسه فيجتمعان في الصحة وينفرد الموجب في البطلان، ثم إن الموجب قد يكون أمرا واحدا أو أمورا يستلزم بعضها بعضا في الثبوت أو لا يستلزم فالأول كالقضاء بالأملاك المرسلة والطلاق والعتاق إذ لا موجب لهذا سوى ثبوت ملك الرقبة للعين، والحرية وانحلال قيد العصمة، وهذا القسم لا كلام فيه إذ ذكر الموجب فيه‏.‏ وأصح الدلالة على المراد والثاني كما إذا ادعى رب الدين على الكفيل بدين له على الغائب المكفول عنه وطالبه به فأنكر الدين فأقام البينة على الدين والكفالة، يحكم بموجب ذلك فالموجب هنا أمران لزوم الدين للغائب ولزوم أدائه على الكفيل، والثاني يستلزم الأول في الثبوت فإذا قضى بالموجب في مثله فقد قضى بجميعه، والثالث كما إذا حكم شافعي بموجب بيع عقار كما ذكره المؤلف فالموجب هنا مجمل تفسره الطريق الموصلة إلى القضاء فإن أدت إلى جميع تلك الأمور بأن كانت مدعى بها كلها حمل الموجب عليها وإن إلى بعض معين منها تعين أنه المقضي به دون الآخر فللمخالف الحكم به برأيه، ولا يكون حكم الأول بذلك الفرد المعين مانعا عن الحكم بالآخر، ومثله كثيرة ومنها ما إذا قضى الحنفي بموجب التواجر بين أصيلين فمات أحدهما لا يكون حكما بعد انفساخها ثم الاستلزام السابق قد يكون من أحد الجانبين كالمثال المار، وقد يكون منهما لخروج العين من ملك البائع ودخولها في ملك المشتري بحكم العقد هذا حاصل ما حققه العلامة ابن الغرس في الفواكه البدرية قال في النهر‏:‏ وبقي قسم رابع نص عليه في منية المفتي وغيرها فقال في فسخ اليمين المضافة لو قال القاضي قضيت بالنكاح بينهما صح، وإن كان له أيمان مختلفة، ولو لم يبطل القاضي حتى أجاز نكاح فضولي بالفعل، ثم طلقها ثلاثا ثم تزوجها بنفسه، ثم رفع الأمر إلى القاضي فإن علم بتقدم نكاح الفضولي، ومع ذلك قضاء بالنكاح بينهما صح وكان قضاء ببطلان اليمين وببطلان نكاح الفضولي وببطلان الثلاث بعده، وإن لم يعلم بتقدم نكاح الفضولي ينبغي أن يعلم حتى يقصد بقضائه موضعي الاجتهاد اليمين المضافة، ونكاح الفضولي‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذه الأمور التي استلزمها الحكم بالنكاح توقف إيقاعها على علمه بها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لا يخفى أن هذا الرابع في الحقيقة شرط للثالث، وهو أن المحكوم به إذا استلزم أمورا اجتهادية يشترط علمه بها ليقصدها بقضائه فليتأمل هذا، وفي الفواكه البدرية أيضا ومما يتصل بذلك سؤال صورته حكم حنفي بموجب البيع في عبد بشرط البراءة من كل عيب وبعدم الرد بعيب ظهر مع العلم بالخلاف، والحال أنهما لم يتخاصما عنه في عيب ظهر بل في التبايع وللقضاء عادة في ذلك فلو خاصم المشتري في ظهور عيب عند القاضي الشافعي هل له الحكم بالرد، والحالة هذه أم لا أم يكون حكم الحنفي مانعا له منه فأجبت ليس للحنفي الحكم بذلك ولا بعدم الرد بالعيب لعدم الخصومة عنده فيه فللشافعي أن يحكم بالرد بالعيب، وليست هذه الصورة من القضاء الضمني فإنه الذي لا بد منه في القضاء القصدي ومن صورة ما مر من كفالة الغائب، وهي حيلة إثبات الدين على الغائب فإنه قضاء على الحاضر قصدا وعلى الغائب ضمنا، وإذا أبرأ الدائن الكفيل بعد القضاء يبرأ ويصير الدين مقضيا به على الكفيل ا هـ ملخصا وتمامه فيه‏.‏

‏(‏قوله وبهذا يظهر أن قولهم إن القضاء على الغائب إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ في جامع الفصولين فيمن غاب عن امرأته وتركها بلا نفقة نقلا عن القنية أنه لو قضى بالفرقة بسبب العجز عن النفقة أنه ينفذ ثم قالا ولا يشترط أن يكون شفعوي المذهب؛ لأنه لا خلاف في نفاذ القضاء فقوله لا يشترط برد حمله هنا، ويزول الإشكال بالحمل على اختلاف الروايتين، وسيأتي في شرح قوله وإلا لم يحكم وفي شرح قوله ولا يقضى على غائب مزيد تقرير فيه فراجع كلا من المحلين وتأمل‏.‏

‏(‏قوله وبه علم أن الاتصالات والتنافذ إلخ‏)‏ قال الرملي وسيذكره أيضا في شرح قوله وإذا رفع إليه حكم حاكم أمضاه ا هـ أي في باب كتاب القاضي إلى القاضي‏.‏

‏(‏قوله للقاضي أن يرجع عن قضائه إلخ‏)‏ قال الرملي وفي مسائل شتى آخر المتن إذا قضى القاضي في حادثة ببينة ثم قال رجعت عن قضائي أو بدا لي غير ذلك أو وقفت على تلبيس الشهود وأبطلت حكمي ونحو ذلك لا يعتبر، والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحة وشهادة مستقيمة قال ابن وهبان ويفهم التقييد أنه إذا كان قضى بعلمه يجوز الرجوع كأن يعترف عنده الآخر بحق ثم غابا ثم جاء اثنان تداعيا عنده فحكم لأحدهما ظانا أنه المعترف ثم تبين أنه غيره فإنه ينبغي له أن لا يمضي حكمه، ويؤيده ما في القنية عن أبي حامد قضى في حادثة ثم ظهر له خطؤه يجب عليه أن ينقض قضاءه ا هـ‏.‏ قال وهذا بخلاف ما إذا قضى في مجتهد فيه رأى خلافه ليس له أن يرجع عن حكمه ولا لغيره أن ينقضه ما لم يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع‏.‏

‏(‏قوله وبالنسبة إلى التولية عدمه‏)‏ معطوف عليه قوله بالنسبة إلى الحكم والضمير في عدمه للزوم

‏(‏قوله أو الدين‏)‏ سيأتي قريبا عن الولوالجية ما يخالفه مع الجمع بينهما‏.‏

‏(‏قوله وينبغي أن الخصم لو علم بعزله إلخ‏)‏ ظاهر ما مر من أنه لا ينعزل ما لم يصل إليه الخبر أنه لا ينعزل ظاهرا ولا باطنا وذلك مناف لما بحثه المؤلف تأمل‏.‏

‏(‏قوله وبه علمت أن ما في الخلاصة على خلاف المفتى به‏)‏ الذي تقدم عزوه إلى البزازية لا إلى الخلاصة

‏(‏قوله فلا تصح تولية كافر وصبي‏)‏ مخالف لما مر عن الواقعات

‏(‏قوله قلد القضاء الكافر، ثم أسلم فهو على قضائه‏)‏ هو إحدى الروايتين كما مر

‏(‏قوله وقدمنا أن شرائط القاضي ثمانية‏)‏ الذي قدمه تسعة، وقد نظمها السيد الحموي فقال شروط القضاء تسع عليك بحفظها لتحرز سبقا في طلابك للعلا بلوغ وإسلام وعقل ومنطق فصيح به فصل الخصومة قد حلا تولية حكما دون سمع لدعوة وحرية سمع والإبصار قد تلا وفقدان حد القذف قد شرطوا له كما قال زين الدين في البحر مجملا

‏(‏قوله وفي القاموس قوم طرش إلخ‏)‏ قال الرملي وذكر في القاموس قبل قوله قوم طرش الطرش أهون الصمم، وذكر في صمم الصمم محركة انسداد الأذنين وثقل السمع،

‏(‏قوله وظاهر كلامهم أن من لا تقبل شهادته لم يصح قضاؤه‏)‏ هو عكس الكلية المذكورة في المتن، وقال في النهر وظاهر أن الكلية أعني من كان أهل الشهادة هو أهل للقضاء مطردة غير منعكسة عكسا لغويا فلا يرد أن من فعل ما يخل بالمروءة فهو أهل للقضاء دون الشهادة ولا أن شهادة العدو على عدوه من حيث الدنيا لا تقبل، وقضاؤه عليه صحيح

‏(‏قوله كما قدمناه‏)‏ أقول‏:‏ لم أره فيما مر نعم سيأتي بعد تسعة أوراق

‏(‏قوله واستثنى أبو يوسف إلخ‏)‏ سيأتي في الشهادات عن الفتح أنه خلاف الأصح‏.‏

‏(‏قوله لأن المقلد اعتمد عدالته إلخ‏)‏ تعليل لما في الإيضاح

‏(‏قوله وقيده في الخانية بما في يده‏)‏ فيه إيجاز غير مفهم قال في النهاية، وأما على رواية فتاوى قاضي خان إنما يصح إذن الآبق في التجارة إذا أذن له في التجارة مع ذلك الرجل الذي كان العبد في يده‏.‏

‏(‏قوله ولم يذكر المؤلف نفاذ قضائه‏)‏ قال في النهر في قوله لا ينعزل إيماء إلى أن قضاءه نافذ فيما ارتشى فيه، وهذا أحد أقوال ثلاثة، والثاني لا ينفذ فيه وينفذ فيما سواه واختاره السرخسي، والثالث لا ينفذ فيهما، والأول اختاره البزدوي واستحسنه في الفتح؛ لأن حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق إيجاب فسقه، وقد فرض أنه لا يوجب العزل فولايته قائمة وقضاؤه بحق فلم لا ينفذ وخصوص هذا الفسق غير مؤثر، وغاية ما وجه أنه إذا ارتشى عامل لنفسه أو ولده معنى والقضاء عمل لله تعالى ا هـ‏.‏ وأنت خبير بأن كون خصوص هذا الفسق غير مؤثر ممنوع بل يؤثر بملاحظة كونه عملا لنفسه وبهذا يترجح ما اختاره السرخسي وفي الخانية أجمعوا أنه إذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى فيه ا هـ‏.‏ وما ذكره مأخوذ من كلام المؤلف الآتي في القولة الثانية‏.‏

‏(‏قوله الذي هو المعول‏)‏ قال في القاموس والمعول كمنبر الحديدة ينقر بها الجبال

‏(‏قوله وفي صلح المعراج إلى قوله الثاني‏)‏ كذا وجد في بعض النسخ وفي بعضها كتب قبل قوله الآتي، وليس منه ما تأخذه المرأة وهو محله

‏(‏قوله وفي صلح إلخ‏)‏ هكذا وجد بالنسخ مكررا مع السابق، وإن كانت عبارة المحشي تقضي بأنه لا يوجد إلا في أحد الموضعين تأمل ا هـ‏.‏ مصححة

‏(‏قوله وظاهر ما في التحرير أنه لا يحل استفتاؤه اتفاقا‏)‏ هذا بناء على ما عليه الأصوليون من أن المفتي هو المجتهد كما سيأتي في شرح قوله، والمفتي ينبغي أن يكون هكذا وهو غير المراد هنا بل المراد به هنا المقلد الذي ينتقل الحكم عن غيره

‏(‏قوله إن ظن عدم أحدهما‏)‏ أي الاجتهاد أو العدالة فضلا عن عدمهما جميعا كذا في شرح ابن أمير حاج

‏(‏قوله وذكر يعقوب باشا‏)‏ أي في حاشيته على صدر الشريعة وعبارته وعند الشافعي لا يصح تقليد الفاسق والجاهل، ودليله على عدم صحة تقليد الجاهل أن الأمر بالقضاء يستدعي القدرة عليه ولا قدرة بدون العلم، ودليلنا على صحته أنه يمكنه أن يقضي بفتوى غيره، ومقصود القاضي يحصل به وهو إيصال الحق إلى مستحقه كذا في الهداية، ويعلم من هذا إلخ وفي الفواكه البدرية لابن الغرس ما ملخصه ليس مرادهم بالجاهل العامي المحض بل لا بد من تأهل العلم والفهم، وأقله أن يحسن بعض الحوادث والمسائل الدقيقة، وأن يعرف طريق تحصيل الأحكام الشرعية من كتب المذهب وصدور المشايخ، وكيفية الإيراد والإصدار في الوقائع مع الدعاوى والحجج، ويدل على ذلك قولهم العالم إذا تعين للقضاء وجب عليه قبوله وإذا تركه أثم وما لم يتعين فالترك أفضل، وإذا كان الجاهل أهلا للقضاء فمتى يتعين قال في النهر وأقول‏:‏ وجود الجاهل لا يمنع من تعينه، وذلك أنه إذا لم يوجد غيره، ولم يقبل أثم وإن وجد جاهل تصح توليته

‏(‏قوله ثم حقيقة الانتقال إنما يتحقق إلخ‏)‏ قال الرملي قال في تصحيح القدوري وقال الأصوليون أجمع‏:‏ لا يصح الرجوع عن التقليد بعد العمل بالاتفاق، وهو المختار في المذهب وقال الإمام أبو الحسن الخطيب في كتاب الفتاوى والمفتي على مذهب إذا أفتى بكون الشيء كذا على مذهب إمام ليس له أن يقلد غيره ويفتي بخلافه؛ لأنه محض تشه، وقال أيضا إنه بالتزامه مذهب إمام يكلف به ما لم يظهر له غيره، والمقلد لا يظهر له ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي التحرير لابن الهمام مسألة لا يرجع فيما قلد فيه أي عمل به اتفاقا، وهل يقلد غيره في غيره المختار نعم للقطع بأنهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا فلو التزم مذهبا معينا كأبي حنيفة والشافعي فهل يلزمه الاستمرار عليه فقيل نعم، وقيل لا وقيل كمن لم يلتزم إن عمل بحكم تقليدا لا يرجع عنه وفي غيره له تقليد غيره، وهو الغالب على الظن لعدم ما يوجبه شرعا، ويتخرج منه جواز اتباعه للرخص ولا يمنع منه مانع شرعي إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل بأن لم يكن عمل بآخر فيه ا هـ‏.‏ وللشيخ حسن الشرنبلالي رسالة سماها العقد الفريد في جواز التقليد وذكر فيها ما حاصله أن دعوى الاتفاق على عدم الرجوع فيما قلد فيه ذكرها الآمدي وابن الحاجب، وتبعهما في جمع الجوامع وغيره، وذكر العلامة ابن أبي شريف أن في كلام غيرهما ما يشعر بإثبات الخلاف بعد العمل فله التقليد بعده بقول غيره، وذكر مثله عن الزركشي العلامة ابن أمير الحاج والسيد بادشاه في شرحهما على التحرير أي فيجوز اتباع القائل بالجواز، وأيضا القول بالمنع ليس على إطلاقه؛ لأنه محمول على ما إذا بقي من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشيء مركب من مذهبين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة كذا ذكر العلامتان ابن حجر والرملي في شرحهما على المنهاج‏.‏ وفي كلام ابن الهمام ما يفيد ذلك في غير هذا المحل أو المراد بمنع المرجوع فيما قلد فيه اتفاقا الرجوع في خصوص العين لا خصوص الجنس، وذلك بنقض ما فعله مقلدا في فعله إماما؛ لأنه لا يملك إبطاله بإمضائه كما لو قضى به فلو صلى ظهرا بمسح ربع الرأس ليس له إبطالها باعتقاده لزوم مسح الكل، وأما لو صلى يوما على مذهب، وأراد أن يصلي يوما آخر على غيره فلا يمنع منه ا هـ‏.‏ وقد بسط الكلام فيها فراجعه وما ذكره المحقق من جواز تتبع الرخص رده ابن حجر وزعم أنه مخالف للإجماع وانتصر له العلامة خير الدين في حاشيته هنا بكلام طويل، ومنع دعوى الإجماع فراجعه ويؤيد منعه ما في شرح ابن أمير حاج بعد نقله الإجماع عن ابن عبد البر حيث قال إن صح احتاج إلى جواب، ويمكن أن يقال لا نسلم صحة دعوى الإجماع إذ في تفسيق المتتبع للرخص عن أحمد روايتان وحمل القاضي أبو يعلى الرواية المفسقة على غير متأول ولا مقلد، وذكر بعض الحنابلة إن قوي دليل أو كان عاميا لا يفسق وفي روضة النووي وأصلها عن حكاية الحناطي وغيره عن أبي هريرة أنه لا يفسق به ثم لعله محمول على نحو ما يجتمع له من ذلك ما لم يقل بمجموعه مجتهد كما أشار إليه المصنف ا هـ‏.‏ وسيذكر المؤلف عن الشارح أن في فسقه وجهين أوجههما عدمه، والله سبحانه أعلم‏.‏

‏(‏قوله بقول مجتهد قوله أخف‏)‏ قال الرملي الجملة من المبتدأ والخبر نعت لمجتهد‏.‏

‏(‏قوله ويكره أن يقتصر على فيه قولان‏)‏ أي على قوله في الجواب فيه قولان‏.‏

فصل في التقليد

‏(‏قوله نقلوا عن أصحابنا أنه لا يحل لأحد إلخ‏)‏ قال الرملي هذا مروي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكلامه هنا موهم أن ذلك مروي عن المشايخ كما هو ظاهر من سياقه‏.‏

‏(‏قوله بل يجب الإفتاء وإن لم يعلم من أين قال‏)‏ اعترضه المحشي الرملي فقال هذا مضاد لقوله لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا حتى يعلم من أين قلنا إذ هو صريح في عدم جواز الإفتاء لغير أهل الاجتهاد فكيف يستدل به على وجوبه فنقول ما يصدر من غير الأهل ليس بإفتاء حقيقة، وإنما هو حكاية عن المجتهد أنه قائل بكذا وباعتبار هذا الملحظ تجوز حكاية قول غير الإمام، فكيف يجب علينا الإفتاء بقول الإمام وإن أفتى المشايخ بخلافه ونحوه إنما نحكي فتواهم لا غير فليتأمل ا هـ‏.‏ قلت ويشهد له ما في التتارخانية قال صاحب الأقضية أبو جعفر بعدما بين أهلية القضاء ولا ينبغي لأحد أن يقضي بالناس إلا من كان هكذا يريد به أن المفتي ينبغي أن يكون عدلا عالما بالكتاب والسنة واجتهاد الرأي، قال إلا أن يفتي بشيء قد سمعه فإنه يجوز وإن لم يكن عالما بالكتاب والسنة؛ لأنه حاك ما سمع من غيره فهو بمنزلة الراوي في باب الأحاديث فيشترط فيه ما يشترط في الراوي من النقل والضبط والعدالة وفي الظهيرية، روي عن أبي حنيفة أنه قال لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلنا، وإن لم يكن أهل الاجتهاد لا يحل له أن يفتي إلا بطريق الحكاية فيحكي ما يحفظ من أقوال الفقهاء ا هـ‏.‏ فقوله فيحكي ما يحفظ إلخ بإطلاقه يفيد عدم وجوب التزام حكاية مذهب الإمام نعم ما ذكره المؤلف يظهر بناء على القول بأن من التزم مذهب الإمام لا يحل له تقليد غيره في غير ما عمل به، وقد علمت ما قدمناه عن التحرير أنه خلاف المختار، وأنت ترى أصحاب المتون المعتمدة قد يمشون على غير مذهب الإمام، وإذا أفتى المشايخ بخلاف قوله لفقد الدليل في حقهم فنحن نتبعهم إذ هم أعلم، وكيف يقال يجب علينا الإفتاء بقول الإمام لفقد الشرط، وقد أقر أنه قد فقد الشرط أيضا في حق المشايخ فهل تراهم ارتكبوا منكرا‏.‏ والحاصل أن الإنصاف الذي يقبله الطبع السليم أن المفتي في زماننا ينقل ما اختاره المشايخ وهو الذي مشى عليه العلامة ابن الشلبي في فتاويه حيث قال الأصل أن العمل على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولذا ترجيح المشايخ دليله في الأغلب على دليل من خالفه من أصحابه، ويجيبون عما استدل به مخالفه وهذا أمارة العمل بقوله وإن لم يصرحوا بالفتوى عليه إذ الترجيح كصريح التصحيح؛ لأن المرجوح طائح بمقابلته بالراجح، وحينئذ فلا يعدل المفتي ولا القاضي عن قوله إلا إذا صرح أحد من المشايخ بأن الفتوى على قول غيره فليس للقاضي أن يحكم بقول غير أبي حنيفة في مسألة لم يرجح فيها قول غيره، ورجحوا فيها دليل أبي حنيفة على دليله فإن حكم فيها فحكمه غير ماض ليس له غير الانتقاض والله تعالى أعلم، وهو الذي مشى عليه الشيخ علاء الدين الحصكفي أيضا في صدر شرحه على التنوير حيث قال‏:‏ وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم فإن قلت قد يحكون أقوالا بلا ترجيح، وقد يختلفون في التصحيح قلت‏:‏ يعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس وما هو إلا رفق، وما ظهر عليه التعامل وما قوي وجهه ولا يخلو الوجود ممن يميز هذا حقيقة لا ظنا وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته ا هـ‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله لكن هو أهل للنظر‏)‏ الاستدراك بالنظر إلى قوله لا يعدل عن قوله إلا لضعف دليله يعني أن مثل المحقق له أن يقول ذلك؛ لأنه أهل للنظر في الدليل، وأما مثلنا فلا يجوز له العدول عن قول الإمام أصلا‏.‏

‏(‏قوله إلا إن كان السلطان يمكنه أن يفصل الخصومات إلخ‏)‏‏.‏ قال الرملي هذا صريح في أن للسلطان أن يقضي بين الخصمين، وبه صرح في الفواكه البدرية حيث قال الحاكم‏:‏ إما الإمام أو القاضي أو المحكم أما الإمام فقد قال علماؤنا حكم السلطان العادل ينفذ واختلفوا في المرأة فيما سوى الحدود والقصاص‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي في شرح قوله وتقضي المرأة في غير حد وقود أنها تصلح للسلطنة وفي الخلاصة جنس آخر، وفي النوازل السلطان إذا حكم بين اثنين لا ينفذ وفي أدب القاضي للخصاف ينفذ وهو الأصح، وقال القاضي الإمام وهذا أصح وبه يفتى ا هـ‏.‏ ذكره في الفصل الرابع من كتاب القضاء فظهر ضعف الرواية التي نقلها ابن حجر عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى

‏(‏قوله الظاهر جواز جبره‏)‏ يخالفه ما في الاختيار حيث قال ومن تعين له يفترض عليه ولو امتنع لا يجبر عليه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولم أر حكم ما لو خاف الجور مع التعين‏)‏ قد ذكر حكمه قريبا عن الفتح حيث قال ومحل الكراهة ما إذا لم يتعين عليه فإذا انحصر صار فرض عين عليه وعليه ضبط نفسه إلخ على أن قوله وإن كان فرضا يدفع التوقف وما استدل به تأمل

‏(‏قوله ولا ينصب على الغائب‏)‏ في جامع الفصولين عن فتاوى رشيد الدين للقاضي نصب الوصي لو كان وارثه غائبا، ويكتب في نسخة الوصاية أنه جعله وصيا ووارثه غائب مدة السفر ا هـ‏.‏ ووفق الشيخ خير الدين في حاشيته على الفصولين بإمكان حمل الأول على ما إذا كان معروفا، ولم تكن غيبته منقطعة وعلى ما لم تدع إليه الضرورة قال وسيأتي ما يؤيده وتقدم ما يؤيده أيضا ا هـ‏.‏ ويأتي قريبا أن له إقراض مال الغائب‏.‏

‏(‏قوله ثم رأيت ثامنا إلخ‏)‏ قال الرملي وفي واقعات الناطفي رجل مات وأوصى إلى رجل فادعى إنسان دينا على الميت والوصي غائب نصب القاضي خصما عن الميت حتى يخاصم الغريم ليصل إلى حقه وفي شرح أدب القاضي المنسوب إلى صاحب المحيط أن القاضي ينصب وصيا يدعي عليه، وإن لم يكن الوارث غائبا في رواية كذا في الفصول العمادية

‏(‏قوله‏:‏ ويشترط في نصب الوصي على اليتيم إلخ‏)‏ وفي الظهيرية أن الصحيح اشتراط حضور الصبي عند القاضي في نصب الوصي للزوم الإشارة إليه وفي مبسوط شمس الأئمة الحلواني أنه لا يشترط في صحة نصب الوصي كون اليتيم أو التركة في ولايته وفي فتاوى القاضي إذا نصب وصيا في تركة أيتام وهم في ولايته والتركة ليست في ولايته أو كانت التركة في ولايته والأيتام لم يكونوا في ولايته أو كان بعض التركة في ولايته والبعض لم يكن في ولايته، قال شمس الأئمة الحلواني يصح النصب على كل حال، ويكون الوصي وصيا في جميع التركة أينما كانت التركة، وكان ركن الإسلام علي السغدي يقول ما كان من التركة في ولايته يصير وصيا وما لا فلا أدب الأوصياء من فصل النصب وتمامه فيه

‏(‏قوله دل هذا على أنه يملك بعث مال الغائب إليه إلخ‏)‏، هذا مصرح به في الخانية ونصها كما في الحامدية وللقاضي أن يبعث مال الغائب إلى الغائب إذا خاف الهلاك، وله أن يأخذ مال اليتيم من والده إذا كان الوالد مسرفا مبذرا ويضعه على يد عدل إلى أن يبلغ اليتيم خانية في فصل من يقضي في المجتهدات‏.‏

‏(‏قوله وأما إقامة الجمع والأعياد فيملكها القاضي إن كانت في منشوره‏)‏ قلت‏:‏ وفي زماننا يؤذن القاضي بنصب الخطيب إذا مات خطيب الجامع، ويكتب إلى السلطنة العلية ليقرره فيها، وليس مأذونا في نصب الخطيب ابتداء هكذا أخبرني ترجمان القاضي لحادثة اقتضت ذلك، ومقتضى هذا أنه ليس له إقامتها بنفسه، ولكن كنت مرة في جامع بني أمية وقد مات الخطيب، وكان نائبا عن رجل فخرج الأصيل ليخطب وكان حديث السن والقاضي حاضر في الجامع فغضب من ذلك، وأنزله من المنبر وأخرج نائب القاضي فخطب بالناس وصلى وضج الناس وصاروا يتحدثون بأن هذه الجمعة لم تصح حيث لم يأذن الخطيب لنائب القاضي فلا أدري هل ذلك جهل من ذلك القاضي أو كان مأذونا والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله ولم أر حكم ما إذا تعين ولم يول إلا بمال إلخ‏)‏ قال في النهر هذا ظاهر في صحة توليته وإطلاق المصنف يعني قوله ولو أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا يرده، وأما عدم صحة عزله فممنوع قال في الفتح القدير للسلطان أن يعزل القاضي بريبة وبلا ريبة ولا ينعزل حتى يبلغه العزل ا هـ‏.‏ نعم لو قيل لا يحل عزله في هذه الحالة لم يبعد كالوصي العدل قال أبو السعود، ونظر فيه السيد الحموي بأن ما في الفتح ليس نصا في صحة عزل من تعين عليه القضاء لجواز حمله على من لم يتعين عليه القضاء، وقياسه على الوصي العدل قياس مع الفارق ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويظهر لي أنه يحل له السؤال دون بذل المال؛ لأنه رشوة؛ لأنه إذا تعين عليه وسأله فلم يوله السلطان سقط عنه الوجوب فبأي وجه يحل له أن يدفع الرشوة لشيء لم يبق واجبا عليه، وقد قال كثير من علمائنا إن فرضية الحج تسقط إذا لم يتمكن منه إلا بدفع الرشوة للأعراب فهذا أولى، وأما مسألة عزله فلا شك أن القاضي وكيل عن السلطان فإذا تعين القاضي للقضاء وجب على السلطان أن يوليه فإذا عزله، وهو وكيل عنه صح عزله وإن أثم يمنع المستحق

‏(‏قوله وقد قيل إلخ‏)‏ لبعضهم نظما احذر من الواوات أربعة فهن من الحتوف واو الولاية والوكالة والوصاية والوقوف‏.‏

‏(‏قوله وقدمنا في كتاب الوقف إلخ‏)‏ قال في النهر وينبغي أن يخص من طلب تولية الوقف ما إذا عزل منه وادعى أن العزل من القاضي الأول بغير جنحة فإن له طلب العود من القاضي الجديد، وحين ذلك يقول له القاضي أثبت أنك أهل للولاية ثم يوليه نص عليه الخصاف وأن تكون التولية مشروطة له فإذا طلبها في هذه الحالة فإنما طلب تنفيذ الشرط‏.‏

‏(‏قوله ويكتب أسماءهم وأخبارهم إلخ‏)‏ قال في النهر ولا بد أن يثبت عنده سبب وجوب حبسهم وثبوته عند الأول ليس بحجة يعتمدها الثاني في حبسهم؛ لأن قوله لم يبق حجة كذا في الفتح وعلى هذا فما في شرح أدب القضاء، يجب على القاضي كتابة اسم المحبوس إلخ يفيد أن النظر في حالهم إنما هو في النسخة التي بعثها القاضي إليه فلا معنى لوجوب كتابة ما ذكر إذ لا أثر له يظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ورأيت في شرح أدب القضاء للإمام حسام الدين عمر بن عبد العزيز تعليل الوجوب بقوله؛ لأنه ربما يحتاج إلى سماع البينة على الإفلاس بعد الحبس فلا بد أن يكون ذلك معلوما للقاضي‏.‏ قال ثم القاضي المقلد يأخذ هذه النسخة من القاضي المعزول أيضا إلخ، ثم قال بعده ولا يلتفت إلى قول القاضي المعزول فعلم أن وجوب كتابة ما ذكر لا لينظر الثاني فيه بل لحاجة الأول إليه وهي ما ذكر فله أثر ظاهر ومعنى باهر بل له فوائد أخر ذكرها في شرح أدب القضاء أيضا في الباب الحادي والثلاثين في الحبس حيث قال إما يكتب اسم المحبوس ونسبه فلأن الطالب ربما طالب القاضي بتسليم المحبوس إليه فلا بد أن يعرف القاضي اسمه ونسبه حتى يطالب السجان بتسليم ذلك إليه، والتعريف إنما يحصل بالاسم والنسبة، وإنما يكتب من حبس لأجله؛ لأنه لو لم يكتب ربما جاء إنسان آخر وادعى أنه حبسه في دينه ويخرجه فيهرب من القاضي والخصم الذي حبس لأجله غيره، وإما يكتب مقدار الحق الذي عليه فلأنه ربما جاء المحبوس بمال قليل، ويقول للقاضي حبستني لهذا القدر من المال فيدفعه إلى القاضي ويهرب، وإما يكتب التاريخ فلأنه ربما احتاج إلى أن يسمع البينة على إفلاسه، وإنما يسمع بعد مدة فلا بد من أن يعرف هل انقضت تلك المدة، وإنما يعرف بالتاريخ ا هـ

‏(‏قوله فظاهره أنه لو شهد مع آخر لم تقبل شهادته‏)‏ كذا في النهر أيضا لكن في فتاوى قارئ الهداية سئل إذا أخبر حاكم حاكما بقضية هل يكفي إخباره، ويسوغ للحاكم العمل بها أجاب لا يكفي إخباره بل لا بد معه من شاهد آخر ا هـ‏.‏ ومثله في فتاوى المؤلف، ويخالفه ظاهر ما في شرح أدب القضاء وما كان من حكم أخبر به القاضي المعزول، له بذلك شهود يقبل منه قوله كما إذا شهد شهود على حكمه، كذا ما قدمه المؤلف في السادس في طريق ثبوته عن السراج الوهاج الحاكم إذا حكم بحق ثم قال بعد عزله كنت حكمت بكذا لم يقبل قوله ا هـ‏.‏ إلى آخر ما ذكره هناك فظاهره يخالف ذلك والله تعالى أعلم، وسيأتي قبيل الشهادات الاختلاف في قبول قول القاضي المولى مطلقا أو مع عدل، والظاهر أنه المراد بما في فتاوى قارئ الهداية والمؤلف فلا يخالف ما هنا

‏(‏قوله ولكن لا يطلقه في الطرف احتياط‏)‏؛ لأنه تتمكن تهمة المواضعة فإنه يجوز أن يكون لإنسان آخر حق في نفسه أو في ماله فهو يبذل الطرف ليتخلص، فيفوت حق ذلك الإنسان في نفسه فيتأنى في ذلك وينادي ثم يأخذ كفيلا بنفسه ويطلقه كذا في شرح أدب القضاء‏.‏

‏(‏قوله وإنما يستأنف الآن‏)‏ فإن أقر بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس صح وإن كان محصنا رجمه، وإلا جلده ثم يتأنى في ذلك وينادي عليه، وإن حضر له خصم جمع بينهما وإلا أخذ منه كفيلا بنفسه كذا في شرح أدب القضاء للخصاف

‏(‏قوله لا يحده بذلك‏)‏؛ لأن ما كان من الشهادة عند القاضي المعزول لا يعتبر عند الثاني كذا في شرح أدب القضاء وفيه، وكذلك إذا شهدوا عند القاضي الثاني إذا تقادم العهد؛ لأنها حينئذ لا تكون حجة بخلاف الإقرار، ولا يطلقه لتوهم الحيلة لكن ينادي عليه، ويتأنى في أمره ويأخذ منه كفيلا بنفسه ويطلقه قوله قطع المولى يده وأطلقه بكفيل وإن قال ببينة لا للتقادم‏)‏ كذا في النهر وتبعه الحموي وفيه نظر لما سبق في الحدود إن طلب المسروق منه شرط القطع مطلقا سواء كان الثبوت بالبينة أو الإقرار أبو السعود

‏(‏قوله وإن قال ببينة لا للتقادم‏)‏ أي لا يقطعه لأجل التقادم، وكذا إذا شهدوا عند الثاني إذا تقادم العهد، ولا يعجل في إطلاقه بل يفعل ما قلنا شرح أدب القضاء‏.‏

‏(‏قوله إلى المقر له الأول‏)‏ وهو من أقر له ذو اليد

‏(‏قوله بإقراره الثاني‏)‏ وهو إقراره بتسليم القاضي إليه‏.‏

‏(‏قوله مع عدم إيغار الصدور‏)‏ قال في الصحاح الوغرة شدة توقد الحزن ومنه قيل في صدره وغر بالتسكين أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ أبو السعود

‏(‏قوله ثم أمره‏)‏ أي السلطان

‏(‏قوله وله أن يتخذ بوابا ليمنع الخصوم من الازدحام‏)‏ قال الرملي، وتقدم قريبا أنه يجلس في أشهر الأماكن، والجامع ليس فيه حاجب ولا بواب وهو الأفضل، ولكن الذي هو مخصوص بمنع الخصوم

‏(‏قوله لا يعديه‏)‏ قال الرملي أي لا يحضره من أعداه أي أحضره وتسمى مسائله مسائل العدوي، وهو الاسم منه والإعداء مصدره

‏(‏قوله فإن توارى الخصم في بيته ختم القاضي على بابه‏)‏ قال الرملي بعد أن يكلف القاضي المدعي إلى إقامة البينة أنه في منزله كما صرح به في الخانية و التتارخانية نقلا عن المحيط، ومحل ذلك أيضا إذا لم يكن له عذر كما صرح به علماء الشافعية وقواعدنا تقضي به أيضا فاعلم ذلك ولا تغتر بما يفعله بعض القضاة فإن محل السمر والختم إذا ثبت امتناع الخصم بلا عذر ولو كان عذرا يبيح ترك صلاة الجمعة تأمل‏.‏

‏(‏قوله وهذا هو القياس‏)‏ قال الرملي اسم الإشارة راجع إلى قوله وأصحابنا لم يجوزوا الهجوم تأمل‏.‏

‏(‏قوله وتركوا إلخ‏)‏ أي أصحاب نبينا

‏(‏قوله وأجرة الأشخاص في بيت المال‏)‏ قال في لسان الحكام وفي القنية وينبغي أن ينصب إنسانا حتى يقعد الناس بين يدي القاضي ويقيمهم ويقعد الشهود ويقيمهم ويزجر من يسيء الأدب ويسمى صاحب المجلس والجلواز أيضا، وأنه يأخذ من المدعي شيئا؛ لأنه يعمل له بإقعاد الشهود على الترتيب وغيره لكن لا يأخذ أكثر من درهمين وللوكلاء أن يأخذوا ممن يعملون له من المدعين والمدعى عليهم ولكن لا يأخذ لكل مجلس أكثر من درهمين والرجالة يأخذون أجورهم ممن يعملون له، وهم المدعون لكنهم يأخذون في المصر نصف درهم إلى درهم، وإذا خرجوا إلى الرساتيق لا يأخذون لكل فرسخ أكثر من ثلاثة دراهم أو أربعة هكذا، وضعه العلماء الأتقياء الكبار وهي أجور أمثالهم وأجرة الكاتب على من يكتب له الكتابة وأجرة النواب على القاضي، وإذا بعث أمينا للتعديل فالجعل على المدعي كالصحيفة‏.‏ قال مجد الأئمة التركماني مؤنة الرجالة على المدعي في الابتداء فإذا امتنع فعلى المدعى عليه، كان ذلك استحسانا مال إليه للزجر فإن القياس أن يكون على المدعي في الحالين المزكي يأخذ الأجر من المدعي، كذا المبعوث للتعديل ا هـ‏.‏ كلام القنية‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وإذا ثبت تمرده عن الحضور عاقبه بقدره‏)‏ قال الرملي هذا صريح في أنه لا بد فيه من البرهان فلا يقبل فيه قول المحضر ولا قول عدل واحد ولا النساء الخلص ولا يتصور تمرده إلا بعد الاجتماع مع المشخص كما يفهم جميعه من كلامهم فلو اختفى لا يثبت تمرده، وفي شرح المختار ولو امتنع الخصم عن الحضور مجلس القضاء عزره بما يرى من ضرب أو سفع أو حبس أو تعبيس وجه على ما يراه ا هـ‏.‏ وفي البزازية فإن عرض الطينة وامتنع الخصم يقول له هل تعرفه أنه القاضي فإن قال نعم أشهد عليه فإن شهدا عند القاضي عاقبه على ذلك، ويستعين بأعوان الوالي على الإحضار ا هـ وفي فتاوى قارئ الهداية إذا هرب الغريم من الرسول وعجز عنه القول قول الرسول في ذلك، ولا ضمان عليه لكن إذا لم يعلم هروبه إلا بقوله يؤدب على التفريط له‏.‏ ا هـ‏.‏ وموضوع السؤال في رجل ثبت عليه حق وخرج من عند القاضي بالترسيم مع رسول ليرضى خصمه بالدفع أو بالسجن‏.‏

‏(‏قوله ويجعلها في قمطره‏)‏ قال الرملي القمطر بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء قال في القاموس القمطر كسجل والقمطري والقمطرة بالتشديد شاذ‏.‏

‏(‏قوله ابن اللتبية‏)‏ قال الرملي بلام مضمومة وحكي فتحها وخطئ وتاء مثناة ساكنة، وحكى المنذري تحريكها قال ابن دريد بنو لتب بطن من الأزد ويقال الأتية بهمزة مفتوحة وسكون التاء قال وتحرك، ثم قيل إنها اسم أمه عرف بها وكان اسمه عبد الله كذا قاله الزركشي في التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

‏(‏قوله وكل من عمل للمسلمين عملا إلخ‏)‏ قال في النهر الظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة من الإمام أو نائبه كالساعي والعاشر ا هـ‏.‏ وبه يندفع مخالفته لما في الخانية بالنسبة إلى المفتي تأمل‏.‏

‏(‏قوله وفي التتارخانية من خصوصياته عليه السلام أن هداياه له‏)‏ ذكر الخصوصية يفيد أنه ليس لإمام غيره صلى الله تعالى عليه وسلم قبولها، وإلا انتفت الخصوصية تأمل ثم رأيته في النهر بحث كذلك وهذا يؤكد حمل الإمام في كلام الخانية على إمام الجامع‏.‏

‏(‏قوله وعندي أنه ليس بحسن إلخ‏)‏ قال في النهر، وأنت خبير بأن هذا بعد أن ادعى أن الغالب كون الدعوة العامة هاتين غير وارد‏.‏